ندوة مناهج ونصوص: منهجية تحليل النصوص وتوظيفها في البحوث والدراسات الأكاديمية ( سجلات المحاكم الشرعية، سجلات النفوس، النوازل )

Abstract

منذ الستينات من القرن الحالي ظهر اتجاه جديد نحو الدراسات التاريخية التي تعنى بالحياة الاقتصادية والاجتماعية في الولايات العثمانية، وكان منطلقه واعتماده على الأصول التاريخية الأساسية أي المصادر المحلية بأنواعها. ما أدى الى تغير نوعي في كتابة التاريخ العثماني وبروز متطلبات جديدة ينبغي أن يلم بها الباحث، سوآءا من الناحية المنهجية او من ناحية الاطلاع على ميادين العلوم الاجتماعية والأنثروبولوجيا والإحصاء والالمام بها. وضمن هذا السياق جرى التنبيه الى الوثائق المدونة في سجلات أو دفاتر نظرا لما تحويه من معطيات يمكنها أن تعزز بالمعلومات والأرقام الكتابات التاريخية التي أساسها العمل الوثائقي. وما نطلق عليه اسم العمل الوثائقي لا يتعلق بوثيقة مفردة أو مجموعة من الوثائق المتعلقة بواقعة محدودة، والتي يمكن استخدام معطياتها لتأكيد فرضية أو تأييد فكرة بل يتعلق بالوثائق التي تتسم بالتكرار عبر مراحل زمنية طويلة، مثل الوثائق الحكومية والدبلوماسية والقنصلية والمحاكم الشرعية والاوقاف والدفاتر التجارية ودفاتر النفوس وترقى الى عشرات الأعوام او حتى مئات الأعوام. واضافة الى ما سبق من مصادر نلاحظ اجماعا للمهتمين بالتاريخ الاقتصادي والاجتماعي على أهمية النوازل في معرفة أحوال المجتمع خاصة وأنها تثير أسئلة تتعلق بتفاعل مختلف مكوناته وفعالياته، فهي تعكس مختلف مظاهر المعاملات المالية والمشاكل التي تترتب عنها بين الناس، كما تتطرق لموضوع الجبايات بالإضافة إلى العديد من القضايا التي تتصل بالحياة الدينية والروحية والعلمية للمجتمع وهي مواضيع لا تتيح المصادر التقليدية إمكانية الخوض فيها. ومن هنا تبدو الأهمية المتعاظمة للنوازل الفقهية في الكتابة التاريخية ذلك أن النبش في التراث الفقهي، وتعميق معول الحفر فيه والتنقيب عما يزخر به من وثائق يشكل قناة نحو تطوير البحث التاريخي.