مشكلة الإيمان المسيحي في عصر التنوير من خلال آراء فولتير وهيجل دراسة مقارنة

Abstract

تميَّز القرن الثامن عشر أو كما يطلق عليه (عصر التنوير) في أوربا، بسيادة العلم وتعاليه فوق العقائد، واستبدال الدين المسيحي بعقيدة العقل، بعد الظلام الذي كان يكتسيها طيلة قرون عديدة، ومن أبرز شخصيات هذا العصر، اخترنا (فولتير وهيجل) وعرض آرائهما حول الإيمان المسيحي التي قد نلمس فيها توافقًا فيما بينهما مثل في عنصر الإله اللذان اتفقا على أنّ وجوده ضروري لكن ليس بالاعتقاد الذي فرضته المسيحية، وكذا عنصر المسيح الذي حاولا إخراجه من الصورة النمطية التي رسمتها له الكنيسة بأنّه (ابن الإله)، واعتبراه أنّه شخصية ثائرة، وذو أخلاق عالية، فغايتهما كانت إخراجه من دائرة اليهود الى البشر أجمع، والتوافق الأكبر كان في رأيهما حوال رجال الدين باعتبارهم طغاة عصرهم، وأنهم رمز التعصب وسبب الانقسام والتخلف، وقد نلاحظ الاختلاف في عنصر الدين الذي فصّل فولتير في نقده، واعتبر أن الدين المسيحي عبارة عن كومة من الخزعبلات والخرافات، وإن نلمس أحيانًا توافقًا فيما بينه وبين هيجل في هذا الجزء، إلَّا أنَّنا نلاحظ اختلافًا جذريًا في آراء هذا الأخير، إذ انقلب سعيه لإحياء الدين المسيحي وإعطاءه روح جديدة ليصبح ملائمًا لمقتضى عصره، أمّا فيما يخص الكتاب المقدس فإيمان كل من فولتير وهيجل بالعقل وما ينتج عنه من حقائق واقعية دفعهما لإخضاع الكتاب المقدس للفحص والتنقيح والتأكد من مدى توافقها مع قوانين العقل، فاعتمد فولتير على المنهج التاريخي، فكانت النتيجة أن وجده مليئا بالأخطاء والتناقضات سوآءا بين الأناجيل فيما بينها أو بالمقارنة بالحقائق التاريخية، في حين أن هيجل رفض جانب المعجزات المذكورة فيه وأبقى على ما تبقى منه من أجزاء، بل اعتمد عليها في كتاباته وشرح فلسفته، وبهذا نكون قد قدمنا بعض الأمثلة عن الإشكال الذي زعزع قاعدة الإيمان المسيحي في عصر التنوير، وكيف كانت بدايته، والحال الذي آل إليه في النهاية.