التكامل المعرفي بين علم أصول الفقه والعلوم الاجتماعية والإنسانية وأثره في فقه التنزيل

Abstract

قامت المعرفة الإسلامية على أساس منهجيّ، اقتضى الوصل بين العلوم الإسلامية وعلوم الإنسان والاجتماع. وتكمن أهمّية هذا الوصل في جانبين مهمّين: أحدهما: نفي دعوى التّناقض بين علوم الوحي وعلوم الكون والإنسان، فتشكّل جميعها وحدة متكاملة تعنى بترسيخ قيم الوحي، وتعاليمه في الواقع الإنساني - بتفاصيله الاجتماعية ومعطياته الإنسانية على اختلاف ظروفه وبيئاته - تجسيدا لعقيدة التّوحيد، القائمة على الإذعان لله  ربّا للكون، وأصلا لكلّ معرفة فيه، فقام التصوّر الإسلاميّ للمعارف الموضوعية عن الكون المادّيّ، وعن الإنسان على معرفة إرادة الخالق  وتدبيره وحكمته، فكان لزاما أن تتّجه الجهود المعرفية الإسلامية في شتّى المجالات، إلى الالتزام بأوامره ونواهيه. ثانيهما: أهمّية التّكامل المعرفيّ بين العلوم الإسلامية، والعلوم الاجتماعية والإنسانية، ويتجسّد نموذج منه في الفقه وأصوله في العلوم الإسلامية، مع غيره من العلوم الاجتماعية والإنسانية، التي لا تنفكّ دراسة الواقع عن الإلمام بأهمّ معارفها؛ على اعتبارها تعنى بسلوكات الإنسان في البيئات المختلفة، فيما يرمي علم أصول الفقه إلى تقويم تلك السّلوكات، بمنهج الوحي الرّباني، ضمن أطر النّصوص الشّرعية، ومعرفة علل الأحكام ومدى تحقّقها في واقع معيّن. ومن هنا تبرز أهمّية رصد التّكامل المعرفي، بين علم الفقه وأصوله - بما يمثّله من بصمة خاصّة ميّزت العقل المسلم – وبين العلوم الاجتماعية والإنسانية، التي أضحى الإلمام بها ضرورة منهجية، يفرضها النّظر الفقهيّ في عديد من قضايا التّنزيل، ويمليها الواقع العملي إن على المستوى الفردي والأسري، أو الاجتماعي، أو الاقتصادي وحتّى السّياسي، لتأتي هذه الورقة البحثية لتستقرئ حدود هذا التّكامل وأهمّيته وآثاره عمليّا في فقه التّنزيل، من خلال الإشكالية الآتية: "ما هي حدود والتّكامل المعرفيّ بين كلّ من علم أصول الفقه والعلوم الاجتماعية والإنسانية؟ وما هي أهمّية هذا التّكامل في الدّراسات الفقهية المعاصرة؟ وما هي آثاره عمليّا في فقه التّنزيل؟"