القراءات الحداثية لنص الحديث النبوي تحليل ونقد

Abstract

يهدف هذا البحث أساسا إلى إبراز منهجية القراءات الحداثية لنص الحديث النبوي الشريف، والوقوف على مصادر هذه القراءات من خلال السياقات التاريخية والحضارية التي تشكلت فيها. ويتحدد محور البحث في دراسة الإشكالية التالية: هل يمكن تطبيق مثل هذه القراءات على نصوص الوحي الإلهي، أي هل بالإمكان إجراء هذه المناهج الحداثية وبهذه الصورة - التي هي عليها في الغرب- على النصوص المقدسة - القرآن الكريم والحديث النبوي، خاصة وأنها تأتي من خارج نطاق التداول الإسلامي المعهود، وتحكمها مرجعيات فلسفية غربية بعيدة عن المفهوم والمنهج الإسلامي المتداول. ومن أجل كشف العلاقة التي تحكم هذه القراءات الحداثية بسياقاتها المعرفية التي نشأت فيها، وكذا المرجعيات الفلسفية والمنطلقات الفكرية التي تصدر منها كان لزاما التطرق إلى مسار الحداثة التاريخي الذي تم فيه تحديد الإشكال المنهجي لهذه القراءات بمرجعياتها المختلفة ومفاهيمها المحورية التي تشكل نسيجها الخاص وذلك من خلال الإطار النظري والسياق التاريخي لهذه الظاهرة. وقد انتهى الحداثيون إلى الحكم على الأحاديث النبوية دون الاعتداد بمنهج المحدثين النقدي وعمدوا إلى إقصائه من ساحة الدرس العلمي و النقدي، فجاءت قراءتهم لمنهج النقد عند المحدثين مشوهة وذلك بالتشكيك في قواعده وأحكامه واعتبارها قواعد غير معيارية وأحكام تفتقد إلى الموضوعية ولا تنسجم مع حياة الإنسان المعاصر، وخلصوا إلى رد السنة النبوية جملة و تفصيلا وإنكار حجيتها بوصفها تجربة بشرية، أي نزع صفة القداسة عن الحديث النبوي وإضفاء الصبغة البشرية عليه نافين عنه صفة الوحي باعتبار أنه نص تاريخي ليس له طبيعة مفارقة تتعالى على التاريخ والواقع، وهو بهذا الاعتبار تشخيص لواقع معين في أبعاد الزمان والمكان فانتهوا إلى عدم معقولية السنة النبوية كقوانين كلية صالحة لكل زمان ومكان. وقد خلص البحث إلى أن استخدام المنهجية الغربية التي يطبقها دعاة الحداثة العربية في قراءة النصوص الشرعية على وجه الخصوص والتراث الإسلامي على وجه العموم، أنها طريق موصل إلى زحزحة القناعات وكسر الثبات في النصوص الشرعية و محاولة جعل المعاني في سيرورة لا نهائية حتى يفرغ النص في محتواه الشرعي، وبالتالي إبعاده عن مجالات الحياة الإنسانية بمختلف مناحيها، وقد تم تفنيد جميع هذه الشبه والرد عليها بما يعيد للحديث النبوي الشريف مكانته ورفعة منزلته في نفوس أهله العاملين عليه و المحتجين به.