المعاملات المالية في بنك البركة الجزائري دراسة نظرية فقهية تطبيقية

Abstract

عد حدوث الفشل الذريع للبنوك التقليدية المبنية على الربا والمعاملات المحرمة، فإن كثيرا من المشتغلين بالمعاملات المالية من المتخصصين في الاقتصاد الإسلامي رأوا أنه لا بد من التفكير في إيجاد حلّ يتوافق مع الشريعة الإسلامية يكون بمثابة البديل القوي والصائب لهذه البنوك الربوية، بحيث يلبي حاجة المتعاملين الماليين، ونتيجة لهذا كانت هناك محاولات مستمرة لإقامة بنوك على الطريقة الإسلامية، وكان من تلك المحاولات على مستوى الساحة العربية مجموعة البركة المصرفية بريادة مؤسسها الأستاذ صالح كامل، عن طريق فروعها عبر مختلف دول العالم العربي والإسلامي. وتمّ إنشاء فرع لها في الجزائر وهو بنك البركة الجزائري الذي دخل السوق الاقتصادية المالية في الجزائر منافسا للبنوك التقليدية، ولفت انتباه كثير من المتعاملين الماليين وكثر الإقبال عليه أكثر من غيره، لكن كثُر السؤال عن معاملاته ومدى مشروعيتها وموافقتها لضوابط إدارة المال واستثماره في الشريعة الإسلامية، ومدى تطبيق تلك الضوابط ميدانيا في عقوده التي يقوم بها، فكانت رسالتي هذه الموسومة بـ : "المعاملات المالية في بنك البركة الجزائري ـ دراسة نظرية فقهية تطبيقية" بمثابة دراسة شاملة تطرّقت فيها إلى الإجابة عن مثل هذه التساؤلات المطروحة، وذلك بدراسة أهم معاملات بنك البركة الجزائري المالية ومحاولة إيضاح مدى توافقها مع الضوابط الشرعية خصوصا من الناحية التطبيقية، مدونا الملاحظات المهمة حول معاملات هذا البنك." ولقد قسّمت موضوع هاته الرسالة إلى ثلاثة فصول: فصل تمهيدي وفصلين رئيسين: نظري وتطبيقي، أما الفصل التمهيدي فقد عَرّفت فيه بالبنوك الإسلامية ونشأتها، كما تكلمت فيه عن مجموعة البركة المصرفية الدولية، ثم عرّفت ببنك البركة الجزائري وظروف نشأته وأهم معاملاته المالية إجمالا، كما بيّنت بعض نتائجه المالية في السوق المحلية بالأرقام. وأما الفصل النظري فقد تطرّقت إليه في سبعة مباحث، بينت فيها أهم القواعد التي تقوم عليها المعاملات المالية الإسلامية، كما ذكرت أنواع المعاملات المالية الشرعية المتنوعة، ودرست ضوابطها من الناحية الشرعية، وأهم تلك المعاملات:المعاملة بالمرابحة وأفضت في هذه المبحث لأنه لب القصيد وعليه أكثر المعاملات المالية في بنك البركة، كما تطرقت إلى المعاملات الأخرى والتي منها والمضاربة والمشاركة والسلم والاستصناع والإجارة المنتهية بالتمليك. وقد أوضحت في كل معاملة ما يتعلق بها من أركان وشروط وضوابط موضحا الضوابط الصحيحة لتطبيق تلك المعاملات في مجال التعامل البنكي والمصرفي. أما الفصل التطبيقي فقد تناولت فيه المعاملات المالية التي تتم على مستوى بنك البركة الجزائري وهي نفس المعاملات السالفة الذكر، وذكرت نماذج عقود تلك المعاملات بضوابطها التي تتم على مستوى البنك، وبيّنت أيضا الممارسة التطبيقية لهذه المعاملات في السوق الاقتصادية المحلية، وبيّنت مدى موافقة ذلك للضوابط الشرعية، معتمدا في كل ذلك على زيارات ومقابلات ميدانية للقائمين على فروع هذا البنك في الجزائر، ومعتمدا أيضا على وثائق معاملات مهمة تبرز طبيعة التعامل في بنك البركة الجزائري، ثم دونت ملاحظاتي واقتراحاتي المهمة في خصوص التعامل التطبيقي لبنك البركة بأنواع هذه المعاملات المالية من أجل أن تكون على أساس شرعي. وخلُصت في نهاية البحث بعد الجهد المبذول والبحث المتواصل والتدقيق المستمر نظريا وتطبيقيا، إلى أن بنك البركة الجزائري على الوضع الحالي ما هو إلا شبيه بالبنوك التقليدية في معاملاته التي ترضى بالوساطة المالية بفائدة والتي يسميها هو " المرابحة"، ولم يرتق بعد إلى تطبيق المعاملات المالية الإسلامية الحقّة المبنية على الدخول في مجال الاستثمارات والمعاملات الحقيقة لا الصورية، المبنية على أساس الربح والخسارة حقيقة. ولذا فإني أنصح القائمين على بنك البركة الجزائري بالعمل على تجسيد مشروع المعاملات الإسلامية المصرفية حقيقية ميدانية واقعية، وعدم الاقتصار على مكاتب الإدارات والمستندات الصورية والتي لا تختلف في كثير من الأحوال عن البنوك الأخرى، وإلا صار هذا البنك اسما بلا مسمّى. كما نقترح عليهم العمل ببعض ما جاء في هذه الأطروحة للنهوض بالقطاع المصرفي الإسلامي قُدما، مراعين في ذلك الضوابط الشرعية، البعيدة عن شبهة الربا، غير مكتفين ببعض الآراء الضعيفة والأقوال المرجوحة التي بيّنت في طيات بحثي ضعفها، وعليهم أن يكون مقصودهم بإقامة هذا البنك بيان روح الإسلام العالية التي تريد النهوض بالأمة الإسلامية لتُرجعها إلى منبعها الصافي: الكتاب والسنة، لا أن تجعل جني الأموال هو الأساس ولو بطرق غير متوافقة مع أحكام الشريعة الإسلامية وضوابطها.