معالم الوسطية في الفتوى من خلال المعيار المعرب للونشريسي -المعاملات المالية أنموذجا-

Abstract

انطلاقا من عالمية الإسلام عقد كثير من الـمصلحين مراجعات فكرية في تراثنا الفقهي الإسلامي من أجل الوقوف على أسباب سقوط الـمسلمين وعوامل نهوضهم، وقد اهتدى كثير منهم إلى أن التمسك بالوسطية التي كان عليها الصحابة والتابعون والأئمة الـمرضيون من أهم العوامل التي ساهمت بترسيخ الإسلام في قلوب الـمنتمين إليه وجعلهم ينطلقون في الأرض يفتحون قلوب العباد قبل أسوار البلاد. ولـما كان الغرب الإسلامي بموقعه الفعال حلقة وصل بين الشرق والغرب وبين الشمال والجنوب قديما وحديثا، فإن البحث عن معالم الوسطية وسبل تجسيدها في الواقع لا يكون إلا من خلال استقراء تراث علمائه الذين تركوا لنا ثروة فقهية في الفتاوى والنوازل، وفيها دليل على كثير من قواعد الوسطية الفكرية التي شكلت حصنا منيعا ضد كل أشكال الغلو التطرف . وتأكيدا لـما سبق ذكره قد جاءت هذه الـمداخلة من أجل بيان معالم الوسطية في الفتوى من خلال كتاب "الـمعيار الـمعرب" للونشريسي (ت:914 هـ) والذي يعتبر من أهم الـمصادر الفقهية التاريخية في الغرب الإسلامي، وقد وقف الباحث على أصول أربعة كانت عليها مدار كثير من الفتاوى في الغرب الإسلامي، وتجسدت فيها معالم الوسطية، وهي: التيسير ورفع الـحرج، العرف واعتبار العادات، الضرورة، سد الذرائع، وزيادة في البيان ذكرت نماذج تطبيقية من فتاوى الـمعاملات الـمالية. وفي الأخير خلص البحث إلى أن تراث علماء الـمغرب الإسلامي في الفتاوى والنوازل غني بـنماذج الـوسطية، وأن لـها معالم ترشد إليها وقواعد تحكمها، وهي في مـجملـها لا تخرج عن مقاصد الشريعة العامة وأصولـها الكلية.